منظمة مستقلة تدافع عن التعددية والحريات النقابية في الجزائر
خطير | الجزائر تحجب أكبر منصّات الحملات الإلكترونية
تحقيق ميداني للكوزيفوب يؤكد تكميم رقمي للحرية التعبير بالجزائر في عصر النضال الرقمي
في خضم التحوّلات السياسية والاجتماعية التي تشهدها الجزائر، تبرز ظاهرة خطيرة تعكس حجم القيود المفروضة على الحريات العامة وحقوق الإنسان، حتى في الفضاء الرقمي. فقد بات من المؤكد أن منصّتي Change.org وAvaaz.org، وهما من أكبر المنصات العالمية للحملات والمناشدات الشعبية، تعانيان من الحجب غير المعلن في الجزائر.
هذه المعطيات مبنية على تحقيق ميداني مباشر أجرته الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة داخل التراب الوطني، بمشاركة أعضاء منخرطين في عدد من الولايات. وقد أكد هذا التحقيق بما لا يدع مجالاً للشك أن منصّتي Change.org وAvaaz.org محجوبتان بالكامل من داخل الجزائر.
فقد تم اختبار الروابط من طرف أكثر من مائتي عضو نقابي في مختلف ولايات البلاد، باستخدام جميع مزودي خدمة الإنترنت دون استثناء، وكانت النتيجة واحدة: لا يمكن الولوج إلى أي من الموقعين نهائيًا. هذا الحجب الكامل يُثبت أن الأمر لا يتعلق بخلل تقني أو تقييد جزئي، بل بسياسة ممنهجة لحظر أدوات التعبئة الرقمية.
كل من Change.org وAvaaz تتيحان للمواطنين أو المنظمات إطلاق حملات إلكترونية للمطالبة بحقوقهم، دعم قضايا عادلة، أو حتى محاسبة المسؤولين. في بلد يشهد تضييقًا على النقابات المستقلة، ومحاكمات تعسفية، ومنعًا للتظاهرات السلمية، تصبح هذه المنصات أدوات خطيرة بالنسبة للسلطة، لأنها تمنح المواطنين صوتًا جماعيًا يصعب كتمه.
وبدلاً من معالجة هذه المطالب، اختارت الحكومة الجزائرية الرقابة والحجب، في تجاوز صارخ لحق المواطنين في حرية التعبير، والمشاركة السياسية، والتنظيم الجماعي، كما نصّت عليه المواثيق الدولية، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقيات منظمة العمل الدولية.
موقف الكنفدرالية من هذا الحجب
إن هذا الحجب لا يقتصر تأثيره على الداخل فقط، بل يمنع المنظمات الجزائرية من الاستفادة من الدعم الدولي والتضامن الرقمي. معظم حملات التضامن العالمية تُبنى على هذه المنصات، وحظرها يجعل إيصال صوت المعتقلين السياسيين والنقابيين أكثر صعوبة.
لقد وجدت الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة (COSYFOP) نفسها مؤخرًا عاجزة عن إطلاق حملة إلكترونية في إحدى هذه المواقع الكبرى لدعم زميلها النقابي علي معمري، المعتقل ظلمًا بتهم خطيرة تتعلق بالإرهاب، فقط بسبب نضاله النقابي السلمي والمشروع، وفي ظل غياب منصات داخلية فعّالة وآمنة للتعبئة، يتحوّل التضامن إلى مجرد بيانات، غير قادرة على إحداث الضغط المطلوب.
وفي هاذا الصدد فنؤكد بأن الحجب لا يقتصر على الجانب التقني، بل يرافقه مناخ من الترهيب القانوني يتضمنه اعتقالات لناشطين بسبب منشورات على وسائل التواصل، محاكمات بتهم “نشر أخبار كاذبة”، وملاحقات ضد كل من يحاول التعبير عن رأيه خارج القنوات الرسمية. في هذا السياق، يصبح استخدام منصّات الحملات الإلكترونية فعل مقاومة، ومجرد التوقيع على عريضة قد يُفسَّر كعمل “تحريضي”.
إن الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة (COSYFOP) تعبّر عن إدانتها الشديدة لهذا التعتيم الرقمي، وتعتبر حجب هذه المنصات اعتداءً مباشرًا على الحق في التنظيم، وعلى حرية الرأي والتعبير، وعلى الحق في اللجوء إلى الوسائل السلمية للدفاع عن الحقوق. وتدعو كل المنظمات الحقوقية، الوطنية والدولية، إلى التضامن مع الأصوات الجزائرية المُكمّمة، وإلى ممارسة ضغوط فعلية لفك هذا الحصار الرقمي.
نداء لمنظمات حقوق الإنسان وآليات المفوضية السامية لحقوق الإنسان
في عصرٍ أصبحت فيه الشبكات الرقمية منابر للنضال المدني، فإن حجب أدوات التعبئة يُعادل مصادرة للاحتجاجات الرقمية، وحرمانًا ممنهجًا للمواطنين من وسائل التعبير الحديثة. ولهذا، فإننا في الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة (COSYFOP) نوجّه نداءً عاجلًا إلى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، الاتحادات والنقابات الدولية، والمقررين الخاصين للأمم المتحدة المعنيين بحرية التعبير، وحرية التجمع، والمدافعين عن حقوق الإنسان، من أجل التحرك الفوري وفتح تحقيقات ميدانية مستقلة حول هذا الحجب المنهجي، والتنديد العلني بهذا السلوك غير الديمقراطي الذي تنتهجه الدولة الجزائرية في تعاملها مع الفضاء الرقمي وحق المواطنين في التنظيم والتعبئة السلمية.
إن الصمت الدولي أمام هذه الانتهاكات الرقمية يمثّل تشجيعًا ضمنيًا على الاستمرار في تكميم الأصوات، ويقوّض كل أمل في بناء دولة قانون تحترم التزاماتها الدولية.
هذه الصورة لمجموعة من مناضلي الكنفدرالية
📬 هل أعجبك هذا المقال؟ اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار والبيانات الهامة مباشرة إلى بريدك.