🗓️ نُشر بتاريخ: 07/12/2025
تهز قضية سجن 10 نقابيين بارزين من الإتحاد العام للعمال الجزائريين (UGTA) المشهد الوطني، مُثيرة موجة من التساؤلات حول حالة الحريات النقابية، خاصة وأنها تعيد سيناريو مُقلقاً فُرض على فدرالية عمال السكك الحديدية للمرة الثانية خلال عام واحد.
وتعود وقائع القضية إلى إضراب عفوي لعمال السكك الحديدية بتاريخ 26 نوفمبر 2025، أدى إلى توقف حركة النقل لمدة بسيطة ليُسفر عن حملة اعتقالات واسعة شملت العشرات من العمال وتكللت بسجن 10 نقابيين من الإتحاد العام للعمال الجزائريين من مختلف الولايات، بينهم الأمين العام الجديد لفدرالية عمال السكك الحديدية، محمد برايجي، وذلك بتهم جنائية “خطيرة” تتعلق بـ “المساس بأمن الدولة” و” نشر الكراهية “
الأمين العام الجديد محمد برايجي يخلف الأمين السابق لونيس سعيدي في السجن
تُشكل هذه الاعتقالات سابقة خطيرة في فدرالية عمال السكك الحديدية، حيث أن الأمين العام الحالي، محمد برايجي، هو ثاني أمين عام لهذه الفدرالية يُودع السجن خلال عام 2025. حيث كان الأمين العام السابق لنفس الفدرالية، لونيس سعيدي، قد سُجن شهر جويلية السابق على خلفية دعوته للإضراب، وقد أُثيرت قضيته “بكثير من الحبر على الورق” على المستويين الوطني والدولي، وانتهى الأمر بـ تبرئته والإفراج عنه في شهر أكتوبر الماضي.
بعد أقل من شهر من الإفراج عن سعيدي، يُودَع خليفته، محمد برايجي، السجن برفقة تسعة من زملائه بذات التهم المتعلقة بالنشاط النقابي والحق في الإضراب.
هذا التكرار المأساوي يُشير إلى أن قطاع السكك الحديدية لا يزال يمثل بؤرة توتر، وأن القيادات النقابية فيه مُستهدفة بشكل متسلسل، ما يُرسل رسالة مُقلقة حول مناخ الحوار الاجتماعي في البلاد.
سجن 10 نقابيين ومأساة إنسانية ورفض الإفراج المشروط لأحدهم
تضاعفت الأبعاد الإنسانية للقضية، حيث تأكد أن أحد النقابيين العشرة المعتقلين مريض بالسرطان، وهو ما يستلزم متابعة طبية خاصة ومُتخصصة. رغم خطورة حالته، رفضت السلطات القضائية منحه الإفراج المشروط، ليُودع السجن مع زملائه، في تحدٍ للمخاوف الصحية والإنسانية.
صمت المركزية (UGTA) ودعم نقابي دولي مُربك للحكومة
في ظل هذه التطورات، حافظ الإتحاد العام للعمال الجزائريين (UGTA) على صمته المُريب، فالمركزية النقابية لم تُصدر أي بيان ولم تنشر أي منشور على صفحاتها الرسمية للتبليغ عن سجن قيادييها، والأغرب من ذلك حتى صفحة فدرالية عمال السكك الحديدية (FNC) ذاتها لم تنشر خبر سجن أمينها العام !
هذا الصمت يتزامن مع نقطة أثارها رئيس الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة، الأخ رؤوف ملال، في تصريحه لقناة “شمال إفريقيا” التي تبث من لندن حول موقف الإتحاد الدولي للنقابات (ITUC) ودعمها للحكومة الجزائرية.
أشار ملال إلى أن الأمين العام لـ (UGTA)، عمر تاقجوت، أصبح حالياً ينوب رئاسة الإتحاد الدولي للنقابات منذ مؤتمره الأخير، وهي المنظمة النقابية الدولية الأكثر تأثيرا على مستوى دولي، هذا الموقع الهام لـ “تاقجوت” (الذي يكرس عمله للدفاع عن مواقف السلطة وتثمينها والذي لا يختلف عن سابقه المسجون عبد المجيد سيدي السعيد)، تبعته زيارة مؤخراً للأمين العام لـ ITUC، لوك تريونغل، للجزائر بتاريخ 25 فيفري 2025 أين ثمن في تصريحاته للصحافة الجزائرية مجهودات السلطة الجزائرية لتكريس الحقوق النقابية والتي حولت موقف الإتحاد الدولي للنقابات بطريقة غريبة من موقف يدعم النقابات المستقلة والحريات النقابية في الجزائر في السابق إلى داعم مباشر لقمع الحكومة الجزائرية.
يرى ملال أن هذا الدعم السياسي للحكومة الجزائرية من أكبر منظمة عمالية دولية قد جعلت الحكومة الجزائرية بالفعل في “أريحية كبيرة” أمام انتقادات تدهور الحقوق النقابية من منظمات حقوق الإنسان، وهو ما يُفسر –حسب تصريحه- “هذا الجنون الذي أصاب السلطة في ملاحقة النقابيين سواء مستقلين أو تابعين لنقابة الحكومة، بدءاً من قضية علي معمري التي أسالت الكثير من الحبر والانتقادات الدولية وصولاً إلى سجن سعيدي وبعدها برايجي ورفاقه العشرة.
الكنفدرالية تتبنى التبليغ الإعلامي لكسر الصمت
وفي سياق متصل، شدد رؤوف ملال، رئيس الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة (COSYFOP)، على أن منظمته ستضطلع بواجبها النقابي والإنساني تجاه قضية النقابيين العشرة، رغم عدم انتمائهم التنظيمي لها.
وأوضح ملال أن استراتيجية الدفاع لن تسلك مسار طلب التدخل المباشر من الهيئات الدولية كمكتب العمل الدولي، بل سترتكز على قوة التبليغ الإعلامي والخبري. وتهدف هذه المقاربة إلى تنوير الرأي العام الوطني والدولي، في محاولة جادة لكسر طوق الصمت الذي فرضته المركزية النقابية (UGTA) والإتحاد الدولي للنقابات، وممارسة ضغط فعّال يُعجل بالإفراج عن المعتقلين.
📬 هل أعجبك هذا المقال؟ اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار والبيانات الهامة مباشرة إلى بريدك.