🗓️ نُشر بتاريخ: 04/12/2025
معركة الوعي من أجل الطبيعة تدخل مرحلة كسر العظم
لم يكد يجف حبر البيان الوطني الذي أصدرته اللجنة الوطنية للبيئة والغابات والمناخ (CNEFC/COSYFOP) بتاريخ الأول من ديسمبر 2025، والذي أطلق صرخة فزع لإنقاذ ما تبقى من الثروة الحيوانية في الجزائر، حتى انطلقت حملات شعواء ومنظمة من بعض جمعيات الصيد، تهاجم اللجنة وتصف قراراتها بـ “العدائية” و”غير الواقعية”.
إن ردة الفعل العنيفة هذه، بقدر ما كانت متوقعة، فإنها تؤكد حقيقة واحدة: البيان أصاب الهدف، وكشف المستور.
شماعة “الشريك البيئي”: حقائق أم أوهام؟
في ردودها المتشنجة، تدعي بعض جمعيات الصيد – كما جاء في منشورات تداولتها منصات التواصل الاجتماعي – أن الصياد “شريك أساسي في حماية البيئة” وأن بيان لجنة حماية البيئة والغابات يمثل “تغطية على الفشل”. وهنا يحق لنا أن نتساءل: أين كانت هذه “الشراكة” المزعومة ونحن نشهد منذ ربع قرن إبادة صامتة للوحيش في الجزائر؟ هل “الشراكة البيئية” تعني الصيد في مواسم التكاثر؟ هل تعني مطاردة الحيوانات وهي تعاني من العطش في مواسم الجفاف الحادة؟
إن الحديث عن “الصيد المسؤول” في ظل وضع كارثي كالذي تعيشه غاباتنا وسهوبنا اليوم هو ضرب من الخيال. الواقع الميداني الذي رصدته اللجان الولائية في قسنطينة، قالمة، تيارت، وغيرها، يوثق غابات خاوية، وفخاخاً منصوبة، وسيارات رباعية الدفع تعيث فساداً، وليس “شركاء يحافظون على التوازن البيئي” كما يزعمون.
لماذا يخيفهم “وقف الصيد”؟
لقد وصفت جمعيات الصيد مطلب “حظر الصيد لمدة 5 سنوات” بأنه قرار “لا يمت للعلم بصلة”. والحقيقة أن العلم والمنطق يقولان إنه عندما يواجه نوع ما خطر “الفناء الجماعي” – وهو المصطلح الدقيق الذي استخدمه بياننا – فإن الإجراء الأول والوحيد المقبول عالمياً هو التوقف الفوري لمنح الطبيعة فرصة “الراحة البيولوجية”.
إن رفضهم لهذا المقترح، ومحاولة تصويره كاعتداء على “حقوقهم المشروعة”، يكشف عن عقلية استهلاكية تتعامل مع الحيوانات البرية كسلعة أو هواية للترفيه، لا كجزء من نظام بيئي يلفظ أنفاسه الأخيرة.
دفاعاً عن “المستقبل” لا عن “البندقية”
إن محاولة تصوير بيان لجنة حماية البيئة والغابات على أنه “شيطنة للصيادين” هي محاولة بائسة لحرف النقاش عن مساره الحقيقي. بياننا كان واضحاً: نحن ضد “الصيد العشوائي”، وضد “الفلتان القانوني”، وضد “تجاوزات أصحاب النفوذ”. فإذا كانت هذه الجمعيات فعلاً ضد الصيد العشوائي كما تدعي، فلماذا انتفضت ضد بيان يدعو لتغليظ العقوبات ومحاربة اللوبيات؟ أليس الأجدر بـ “الشريك البيئي” أن يصفق لمقترح “الرقم الأخضر” للتبليغ عن التجاوزات بدلاً من مهاجمته؟
رسالتنا ثابتة: التاريخ سيكتب
إن اللجنة الوطنية للبيئة والغابات والمناخ (كوزيفوب) تؤكد أن حملات التشويه لن تثنيها عن أداء واجبها. إننا لا نبحث عن إرضاء هواة القنص، بل نسعى لإرضاء ضمائرنا تجاه الأجيال القادمة التي من حقها أن ترى غزالاً أو طائراً حراً في سماء الجزائر، لا أن تراهم محنطين في صور “ذكريات الصيد”.
المعركة اليوم ليست بين “لجنة حماية البيئة والغابات والمناخ” والصيادين، بل هي معركة بين وعي يرى الخطر القادم، وبين مصالح ضيقة لا ترى أبعد من فوهة البندقية.
حماية حيواناتنا البرية مسؤوليتنا جميعاً.. والكلمة الفصل للميدان.
تحميل البيان باللغة الإنجليزية
📬 هل أعجبك هذا المقال؟ اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار والبيانات الهامة مباشرة إلى بريدك.