رسالة دولية حازمة حول سجلّها الحقوقي المتدهور

في اقتراع سري أجرته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 14 أكتوبر 2025 في نيويورك، فشلت الجزائر في الحفاظ على مقعدها داخل مجلس حقوق الإنسان للفترة 2026–2028، بعد انتهاء ولايتها السابقة التي امتدت من 2023 إلى 2025.
النتائج الرسمية التي نشرها موقع الأمم المتحدة تُظهر أن الجزائر لم تُعاد انتخابها، وأن المقاعد المخصصة للمجموعة الإفريقية ذهبت إلى أنغولا، موريشيوس، ومصر.

https://www.un.org/en/ga/80/meetings/elections/hrc.shtml: خسارة الجزائر مقعدها في مجلس حقوق الإنسان تكشف التدهور المقلق في سجلها الحقوقي

خسارة تعكس عزلة دبلوماسية متزايدة

يُنظر إلى هذا الإخفاق على أنه رسالة واضحة من المجتمع الدولي تعكس حجم التدهور في صورة الجزائر الحقوقية خلال السنوات الأخيرة.
فعلى الرغم من محاولات الوفد الجزائري الدفاع عن «الالتزام الوطني بحقوق الإنسان»، فإن تزايد التقارير الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المستقلة حول الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، وقمع النقابات المستقلة جعل من الصعب استمرار دعم ترشح الجزائر.

تدهور ممنهج في الحريات الأساسية

منذ عام 2019، شهدت البلاد تراجعًا خطيرًا في مجال الحريات العامة. فقد سُجّلت عشرات الحالات من الاحتجاز بسبب الرأي، وإغلاق منابر إعلامية مستقلة، ومتابعات قضائية ضد نقابيين وصحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان.
وتشير تقارير لجنة الحرية النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية إلى أن الجزائر تنتهك بشكل متكرر اتفاقيتي رقم 87 و98 المتعلقتين بحرية التنظيم والمفاوضة الجماعية، من خلال حلّ النقابات المستقلة وملاحقة أعضائها.
وفي هذا السياق، اعتُبر سجن النقابي علي معمري وحلّ نقابة SNATEG من بين أبرز الأدلة على استمرار التجريم السياسي للعمل النقابي المستقل.

الصحافة والمجتمع المدني تحت الضغط

تزايدت القيود على حرية الصحافة إلى حدّ غير مسبوق، مع حجب مواقع إلكترونية ومنع تراخيص لوسائل إعلام مستقلة، في وقت تتوسع فيه الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي تحت غطاء مكافحة “الأخبار الكاذبة”.
أما الجمعيات المدنية، فتواجه تعسّفًا إداريًا ممنهجًا يعرقل تسجيلها أو تجديد اعتمادها، مما دفع العديد منها إلى العمل من الخارج أو التوقف عن النشاط.

انتهاكات ضد المهاجرين

إلى جانب القمع الداخلي، تواجه الجزائر انتقادات حادة من منظمات دولية بسبب الترحيلات الجماعية القسرية للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، والظروف اللاإنسانية للاعتقال والمعاملة أثناء الترحيل، في خرق صارخ لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين.

فقدان المقعد يعني نهاية رمزية لدبلوماسية مزدوجة

يرى مراقبون أن خسارة الجزائر لمقعدها في المجلس تمثّل تراجعًا مؤلمًا لدبلوماسيتها الحقوقية، التي لطالما سعت إلى لعب دور الوسيط الإقليمي في الملفات الإفريقية والعربية.
فالمجتمع الدولي لم يعد يتسامح مع ازدواجية الخطاب بين التزامات الأمم المتحدة والممارسات القمعية الداخلية.
ويؤكد دبلوماسي سابق أن “الرسالة واضحة: لا يمكن أن تكون دولة طرفًا في إدارة قضايا حقوق الإنسان الأممية، وهي تنتهكها بشكل ممنهج داخل حدودها”.

نقطة تحول وفرصة للإصلاح

هذه الخسارة ليست مجرد هزيمة رمزية، بل إنذار سياسي صريح يدعو السلطات الجزائرية إلى مراجعة سياساتها الداخلية، وإلى اتخاذ خطوات ملموسة لاستعادة الثقة الدولية:

فبدون إصلاحات حقيقية، ستظل الجزائر خارج دائرة الثقة الأممية، مهما حاولت تجميل صورتها في المحافل الدولية.

📬 هل أعجبك هذا المقال؟ اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار والبيانات الهامة مباشرة إلى بريدك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Arabic