عرفت الفيدرالية الوطنية لعمال النقل بالسكك الحديدية، التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين (UGTA)، تطورًا مفاجئًا بعد إيداع أمينها العام السابق، لونيس سعيدي، الحبس المؤقت يوم الجمعة 5 جويلية 2025. هذا المستجد أدّى إلى إلغاء الإضراب الوطني المفتوح الذي كان مقرَّرًا ابتداءً من الأحد 7 جويلية، في خطوة أربكت المشهد النقابي داخل القطاع.

سعيدي كان قد وجّه، بتاريخ 25 جوان، إشعارًا رسميًا بالإضراب إلى وزير النقل، احتجاجًا على ما وصفه بـ “تجاوزات خطيرة”، أبرزها:

غلق أبواب الحوار مع الشريك الاجتماعي،

التهميش الممنهج للكفاءات،

التدخل الإداري في الشؤون النقابية،

انتهاك أحكام الدستور والقوانين المنظمة للعمل النقابي.

كما تضمّن بيان الإضراب اتهامات للإدارة بـ”التسيير غير العادل” لمنح التقاعد، وحرمان العمال من حقوقهم في الخدمات الاجتماعية، منها المخيمات الصيفية، إضافة إلى خروقات في تنظيم انتخابات اللجان المشتركة.

ورغم خطورة الوضع، لم تُصدر قيادة UGTA أي بيان تضامني مع النقابي المعتقل، ما أثار استياءً واسعًا في أوساط العمال والناشطين النقابيين.

في أعقاب توقيفه، عقد المكتب الفيدرالي اجتماعًا طارئًا يوم 6 جويلية عُيِّن خلاله محمد جبراني أمينًا عامًا جديدًا، وأُعلن رسميًا إلغاء الإضراب، وُصف القرار السابق بأنه “باطل وغير قانوني”، لعدم استيفائه الشروط المنصوص عليها في القانون 90/02 المتعلق بالنزاعات الجماعية في العمل وممارسة الحق النقابي.

ودعا البيان الجديد العمال إلى تفادي “أي تحرك خارج الأطر القانونية”، متمسكًا بخيار الحوار حفاظًا على استقرار القطاع ومصالح العمال.

ردود فعل واستقطاب واسع

اعتقال سعيدي فجّر موجة تفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر كثيرون أن التوقيف جاء ردًّا على إعلانه الإضراب ودفاعه عن حقوق العمال. وذهب البعض إلى وصف ما حدث بـ”الانقلاب النقابي”، خاصة في ظل سرعة تعيين قيادة بديلة داخل الفيدرالية، دون انتظار نتائج التحقيق أو صدور حكم قضائي.

COSYFOP: تنديد بـ”الانقلاب النقابي”

من جهتها، عبّرت الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة (COSYFOP) عن تضامنها التام مع لونيس سعيدي، منددة بما اعتبرته تواطؤًا من قيادة UGTA، التي “تخلّت عن أحد مناضليها بدل الدفاع عنه”.

واعتبرت الكنفدرالية في بيان لها أنّ ما جرى يمثل دليلاً إضافيًا على تبعية النقابات الرسمية لسياسات الحكومة، حيث لم تعد أداةً للدفاع عن العمال، بل باتت وسيلة لإجهاض أي تحرك ميداني حقيقي.

وعلق القيادي بالكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة عبد القادر كوافي بقوله :

“لقد آن الأوان للعمال كي يُدركوا أنّ العمل النقابي المستقل هو السبيل الوحيد لضمان الكرامة والنزاهة داخل النقابة، بعيدًا عن منطق البيع والطعن في الظهر.”

تعكس هذه الحادثة هشاشة الواقع النقابي في الجزائر، حيث تتقاطع الضغوط الإدارية والتجاذبات الداخلية مع غياب الحماية القانونية الفعلية للنقابيين، ما يُفرغ الحق في الإضراب والعمل النقابي من مضمونه الدستوري.

📬 هل أعجبك هذا المقال؟ اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار والبيانات الهامة مباشرة إلى بريدك.

Arabic