نقابي مستقل في قلب العاصفة
في تقريرها الأخير رقم 411، سلطت لجنة الحرية النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية (OIT) الضوء على حالة القمع النقابي في الجزائر، متوقفة عند قضية علي معمري، أحد أبرز قيادات الكنفدرالية النقابية المستقلة COSYFOP، وعضو لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان التابعة لها في ولاية أم البواقي.
بحسب ما أوردته المنظمة الشاكية في مراسلاتها للجنة (بتواريخ 7 و9 أبريل 2025)، تعرض معمري لاعتقال تعسفي في 19 مارس 2025 من قبل عناصر أمنية بزي مدني، دون إظهار مذكرة توقيف، ليتم اقتياده إلى مقر أمني في ولاية قسنطينة، حيث تم احتجازه سرا لمدة 120 ساعة.
تعذيب واتهامات بالإرهاب
خلال الأيام الأولى من اعتقاله، صرّح معمري لمحاميته، في أول لقاء يوم 26 مارس، أنه تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي والإهانة، وأنه أُجبر على التوقيع على محاضر جاهزة تتضمن اعترافات تم ربطها بصلاته المزعومة بشخصيات موضوعة في قائمة الإرهاب، ومحاولته تأسيس لجنة نقابية للدفاع عن حقوق الإنسان ، التي تم وصفها من قبل المحققين بـمحاولة تأسيس “منظمة إرهابية” لقلب نظام الحكم .
في 27 مارس، مثل معمري أمام وكيل الجمهورية دون إشعار مسبق لمحاميته، وتم توجيه تهم ثقيلة له تحت مظلة المواد 87 مكرر، 87 مكرر 1، 87 مكرر 4 و5 من قانون العقوبات، المرتبطة بالإرهاب، بالإضافة إلى المواد 34 و39 من قانون حماية الوثائق والمعلومات.
تصريح الرئيس ملال رؤوف حول القضية

ما ورد في هذا التقرير الأممي لا يمكن وصفه إلا بأنه مزيج بين المأساة والمهزلة.
كيف يمكن لعقل قانوني أو سياسي أن يقبل توجيه تهم بالإرهاب ومحاولة قلب نظام الحكم لنقابي معروف، لمجرد أنه حاول تأسيس لجنة حقوقية داخل نقابة قانونية؟
هل أصبح مجرد تأسيس منظمة نقابية مستقلة أو لجنة للدفاع عن حقوق الإنسان يُعد خطرًا على الدولة؟
هل نظام الحكم في الجزائر هش إلى هذا الحد ليرى في كل مبادرة سلمية تهديدًا وجوديًا؟هذه الممارسات لا تُسيء فقط للنقابيين، بل تُفقد المؤسسات الرسمية ما تبقى من مصداقية أمام الرأي العام الوطني والدولي. ما لم يتم تصحيح هذا المسار بشكل عاجل، فإن الجزائر تتجه بخطى ثابتة نحو إلغاء فعلي للحق في التنظيم النقابي المستقل، رغم التزاماتها الدولية..”
— ملال رؤوف
اللجنة الدولية لم تصدر توصية خاصة… لكنها اعتبرت الوضع مستعجلاً
رغم خطورة الوقائع، لم تصدر لجنة الحرية النقابية توصية فردية باسم علي معمري، غير أنها ذكرت حالته ضمن الفقرة 146 من تقريرها، وأدرجته في قائمة الحالات التي تتطلب ردًا عاجلًا من الحكومة الجزائرية.
وقد عبّرت اللجنة عن قلقها العميق إزاء مناخ القمع المتزايد ضد النقابيين، مطالبة بـ:
“تقديم ملاحظات عاجلة من الحكومة بشأن حالة معمري، والتحقيق في ما إذا كانت هذه الإجراءات تُستخدم كأدوات قمع نقابي.“
ولمحت اللجنة إلى أن مثل هذه الإجراءات، عندما تُستخدم ضد قادة نقابيين مثل معمري، تُعد انتهاكًا صريحًا لاتفاقية الحرية النقابية رقم 87، الموقعة من قبل الجزائر.
النضال النقابي أمام آلة التجريم
قضية علي معمري ليست حالة معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة من الممارسات الممنهجة ضد كوادر COSYFOP، تهدف إلى:
- تفكيك التنظيم من الداخل عبر الترهيب.
- تجريم العمل النقابي عبر ربطه بقضايا الأمن القومي.
- تشويه صورة القادة النقابيين لحرمانهم من الدعم الشعبي والدولي.
إن استمرار احتجاز علي معمري ومحاكمته بتهم غير ذات صلة بنشاطه النقابي السلمي يمثّل انحرافًا خطيرًا عن التزامات الجزائر الدولية، ويضع مصداقية القضاء على المحك.
وعليه، فإن منظمات حقوق الإنسان والآليات الدولية مدعوة إلى:
- الضغط من أجل التحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة.
- مراقبة مسار محاكمته بدقة لضمان احترام الضمانات القانونية الأساسية.
- الدعوة إلى إسقاط التهم وإطلاق سراحه فورًا، لعدم وجود أي دليل يبرر معاملته كإرهابي.
اقتباسات مختارة من تقرير لجنة الحرية النقابية – ILO / تقرير رقم 411:
اللجنة تعرب عن قلقها العميق إزاء الادعاءات الجديدة التي تفيد بوجود مناخ قمعي متزايد يتعرض فيه قادة نقابيون لمنع من مغادرة التراب الوطني، وتطالب الحكومة بتوضيحات عاجلة بشأن هذه التدابير.(الفقرة 146)
اللجنة تدعو الحكومة إلى عدم تطبيق المادة 87 مكرر من قانون العقوبات على الأنشطة النقابية الطبيعية، بما في ذلك الإضرابات والاحتجاجات السلمية. التصوية رقم 76 الفقرة f
” اللجنة تسجل بقلق فائق ورود معلومات تتعلق بتوقيفات تعسفية وملاحقات لقيادات نقابية مثل السيد معمري، وتطلب من الحكومة تقديم ردود فورية ومفصلة بشأن هذه الحالات “
الفقرة 146 التوصية c

يمكنك قراءة التقرير بالكامل باللغة الفرنسية أو الإنجليزية من هنا
📬 هل أعجبك هذا المقال؟ اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار والبيانات الهامة مباشرة إلى بريدك.