في يوم 12 يونيو 2025، استدعى قاضي التحقيق لدى محكمة أم البواقي النقابي علي معمري للتحقيق الثاني بشأن نشاطاته النقابية والحقوقية، خاصة محاولته السابقة تأسيس لجنة نقابية وجمعية مستقلة تُعنى بالمدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الحراك الشعبي
خلفيات القضية
علي معمري، من مواليد 1985 وأب لطفلتين، موظف في قطاع الثقافة، يشغل حاليًا منصب رئيس النقابة الوطنية لموظفي الثقافة وعضو المجلس الوطني للكونفدرالية النقابية للقوى المنتجة. برز كشاب معارض وناشط بارز في الحراك الشعبي، وأصبح رمزًا للمطالبة بالتعددية النقابية وحق إنشاء جمعيات مستقلة منذ سنة 2019.
اعتقاله وسياقه
في 19 مارس 2025، تم اعتقال علي معمري سرًا في أم البواقي، وظل محتجزًا بشكل غير معلن حتى 23 مارس 2025 دون إخطار عائلته. الأمر الذي دفع بالكونفدرالية النقابية للقوى المنتجة إلى إبلاغ الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري التابع للأمم المتحدة، خاصة بعد شهادته بتعرضه للتعذيب الجسدي والنفسي خلال الاحتجاز.
وقد وجه قاضي التحقيق لدى محكمة أم البواقي تهمًا خطيرة إلى علي معمري، بسبب نشاطاته الجمعوية التي تؤكد كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية المصادق عليها على سلميتها ومشروعيتها، ومن بين هذه التهم: نشر مواد إلكترونية تقوّض النظام العام، الدعوة إلى الإرهاب والتخريب وتمويله، توزيع منشورات وتسجيلات تمجّد الأعمال “الإرهابية”، وعلى إثر هذه التهم، تم وضعه رهن الحبس الاحتياطي منذ 27 مارس 2025.
إعادة التحقيق اليوم: بين الحريات النقابية والمعايير الدولية وتهم الإرهاب
اليوم، امتثل علي معمري أمام قاضي التحقيق للمرة الثانية، بعد الطعن في محاضر الضبطية القضائية التي حررها ضباط من المديرية العامة للأمن الداخلي، حيث يتركز التحقيق حاليًا على صحة ما جاء في تقرير الأجهزة الأمنية، وما إذا كانت هذه الأنشطة تندرج تحت تصنيف الإرهاب والتخريب حسب مبررات السلطات الأمنية .
ردود فعل دولية وتحليلية
من جانبها، راسلت منظمة العمل الدولية الحكومة الجزائرية رسميًا خلال شهر أفريل الماضي، وطالبتها بتقديم توضيحات عاجلة حول وضعية علي معمري والانتهاكات التي يتعرض لها. ورغم ذلك، لم ترد الحكومة الجزائرية حتى الآن على استفسارات المنظمة، ما يزيد من الضغوط الدبلوماسية عليها من طرف المؤسسات الدولية.
وفي السياق نفسه، نددت منظمات حقوق الإنسان بالاعتقال، معتبرة إياه وسيلة ممنهجة لقمع الحريات النقابية، وطالبت بالإفراج الفوري عنه. ومن جهة أخرى، تتابع آليات المفوضية السامية لحقوق الإنسان هذا الملف عن قرب، ومن المتوقع أن تصدر ملاحظاتها بشأنه قريبًا.
أما المحامون والمنظمات الحقوقية الدولية، فقد وصفوا الوضع بالـ”قمع التعسفي”، وأكدوا ضرورة الإفراج الفوري عن معمري وضمان محاكمة عادلة له.
السياق الأوسع
منذ سنة 2024، يشهد الحقل النقابي الجزائري تصاعدًا واضحًا في التوتر بين مطالب الإصلاح ومحاولات السلطات فرض سيطرتها، خاصة مع خوفها من تنامي تأثير النقابات المستقلة. هذا التوتر يظهر بوضوح في المتابعات القضائية، التي غالبًا ما تُوجَّه فيها تهم الإرهاب للنقابيين والنشطاء رغم سلمية نشاطاتهم الحقوقية.
في انتظار نتائج التحقيق
مثول علي معمري اليوم أمام قاضي التحقيق في أم البواقي، يمثل نقطة تحول مهمة في مسار قضيته المستمرة منذ مارس 2025. هذه القضية تتجاوز شخص معمري نفسه؛ فهي تعكس بشكل واضح محاولة السلطات للحد من أي حراك مستقل في المجالين النقابي والحقوقي.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستسمح السلطات الجزائرية مستقبلًا بممارسة النشاط النقابي المستقل والعمل الحقوقي دون تضييق؟ الأيام المقبلة ستكون حاسمة للإجابة عن هذا السؤال.

📬 هل أعجبك هذا المقال؟ اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار والبيانات الهامة مباشرة إلى بريدك.