تُعرض غداً الثلاثاء قضية المناضل النقابي علي معمري على غرفة الاتهام بمحكمة أم البواقي، للنظر في قرار قاضي التحقيق الذي أنهى تحقيقه مؤخراً، وأقرّ التهم الجنائية الموجهة ضد معمري، على رأسها تهمة الإشادة بالإرهاب، وهي التهم التي طعنت فيها محاميته رسميا بعريضة مكتوبة .
ووفقاً لما أفادت به عائلة علي معمري لموقع الكنفدرالية، فإن قاضي التحقيق للغرفة الثانية بمحكمة أم البواقي قد وجّه له تهمًا خطيرة وغير مسبوقة في الجزائر، من بينها محاولة تأسيس جمعية نقابية ذات طابع حقوقي، معتبراً هذا الفعل جريمة جنائية ومحاولة مستقبلية لقلب نظام الحكم، في سابقة تثير القلق بشأن الحق في التنظيم النقابي المستقل.
أما التهمة الرئيسية التي وجهها له وهي الإشادة بالإرهاب، فقد بُنيت على رسائل خاصة عبر تطبيق فايسبوك وتيك توك كان قد تبادلها معمري مع عدد من الأشخاص، من بينهم المؤثر سقلاب سيد أحمد. وقد اعتبر قاضي التحقيق هؤلاء الأشخاص “مخربين وإرهابيين”، دون الاعتماد على أي أساس قانوني أو حتى قرار قضائي نهائي يُصنفهم على هذا النحو. كما تجاهل قاضي التحقيق عنصراً جوهرياً في قيام هذه التهمة، وهو شرط العلنية، إذ أن جميع المراسلات التي تم الاستناد إليها تمت في إطار خاص بين علي معمري ومن اعتبرهم قاضي التحقيق مخربين ولم تُنشر عبر أي وسيلة علنية.
في هذا السياق، صرّح السيد رؤوف ملال، رئيس الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة (COSYFOP)، قائلاً:

“إن التهم الموجهة للنقابي علي معمري مفبركة، خصوصا أنه قاضي التحقيق استند دون أي اجتهاد منه إلى محاضر الشرطة بالرغم من أنه بُلغ بشكوى التعذيب ضد نفس الجهة الأمنية التي لا تزال دون أي تحقيق جدي. كما أن اعتماد قاضي التحقيق على استنتاجات الشرطة لتكييف محاولة تأسيس جمعية نقابية تعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان كجريمة إرهابية أو محاولة لقلب نظام الحكم، يؤكد أن العمل النقابي وحقوق الإنسان في الجزائر باتت في خطر محدق“
— ملال رؤوف
هذا التكييف المفرط للتهم ومحاولة تجريم العمل النقابي والحقوقي أثارا استنكار عدد من المنظمات الدولية. فقد قامت كل من الكونفدرالية النقابية للقوى المنتجة (COSYFOP)، ومركز جوستيسيا لحقوق الإنسان، ومنظمة MENA Rights Group، بمخاطبة المقررين الخاصين للأمم المتحدة المعنيين بحرية التعبير، وحرية التجمع، والمدافعين عن حقوق الإنسان، لإبلاغهم بتفاصيل الاعتقال، التهم، والخروقات الإجرائية التي طالت ملف علي معمري.
تُطرح هذه القضية في سياق عام من التضييق على الحريات النقابية في الجزائر، وهو ما دفع عدداً من النقابات المستقلة والمنظمات الدولية إلى دق ناقوس الخطر، محذرين من الانحراف الخطير نحو تجريم العمل النقابي باعتباره تهديداً أمنياً.
تبقى الأنظار موجهة إلى جلسة الغد، في انتظار قرار غرفة الاتهام إما بتأييد قرار قاضي التحقيق أو بإسقاط التهم المجحفة التي تُهدد مستقبل العمل النقابي والحقوقي في البلاد.
📬 هل أعجبك هذا المقال؟ اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار والبيانات الهامة مباشرة إلى بريدك.